وإذ تستعجل المصادر الديبلوماسية نفسها عملية التأليف، فهي تلفت إلى التطوّرات الميدانية التي شهدتها العاصمة الفرنسية في الأيام الماضية، وتدعو إلى استغلال الفرصة السانحة أمام لبنان للإفادة من مواصلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأكيد دعمه للبنان، وهو ما أعلنه في رسالته الأخيرة إلى رئيس الجمهورية، والتي هنأ بها بعيد الإستقلال، وذكّر بأهمية تشكيل حكومة في لبنان في أسرع وقت ممكن، وذلك، من دون إغفال الإشارة إلى التأكيد على مؤتمر "سيدر الأول"، الذي انعقد في باريس.
وتقول المصادر ذاتها، أن التعويل على المليارات التي ستؤمنها الدول المانحة للبنان بعد تشكيل الحكومة، سيسقط إذا استمر التعثّر الحالي، وذلك بصرف النظر عن الأطراف التي تتحمّل مسؤولية الواقع الحالي والأزمة الحكومية وتبعاتها.
وإذ تشير المصادر الديبلوماسية عينها، إلى أن العوامل الخارجية تدفع في اتجاه الإتفاق والتسوية في لبنان حول كل الملفات، وليس فقط الملف الحكومي، تفادياً للتداعيات المرتقبة على الأجندة الديبلوماسية الأوروبية في المنطقة، وبشكل خاص عنوان النزوح السوري في لبنان ودول الجوار، تؤكد على وجوب تطويق مساحة الإنقسامات الداخلية كيلا تتوسّع لتصل إلى مستوى أزمة الحكم، وذلك بعدما باتت القضية اليوم تتخطى كونها أزمة تأليف حكومة وصراعاً على التمثيل الحقيقي واحترام نتائج الإنتخابات النيابية وعدد الوزراء، لتصل بالتالي، إلى مستوى تهديد الوضع الأمني من خلال ما شهده الشارع من تحرّكات احتجاجية في الأيام الماضية، تزامناً مع سجالات وحملات سياسية تجاوزت الخطوط الحمراء واستحضرت مشهد الإحتقان السياسي، مما استدعى الإجتماع الأمني الإستثنائي في قصر بعبدا بالأمس، وذلك بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون.
وعليه، ترى المصادر نفسها، أن استمرار تمسّك المعنيين بالأزمة الحكومية بمواقفهم وذهابهم إلى النهاية في تصلّبهم، لا يحقّق التطلّعات المحلية، كما الخارجية، والتي أكدت عليها أكثر من نصيحة غربية نقلها موفدون إلى بيروت أخيراً، وبخاصة أن النصائح تترافق مع تحذيرات من خطورة التصعيد، والذي ترفضه حتى الساعة كل الأطراف السياسية والحزبية اللبنانية من دون استثناء، وهو ما ظهر بوضوح من خلال تطويق التحرّكات الإحتجاجية الأخيرة، وسحب ورقة تحريك الشارع من التداول بشكل سريع وحاسم قبل حصول أي انزلاقات ميدانية.