أخبار عاجلة

'خناقة' القاضية والمحامي.. وعدالة طرابلس المعطّلة

'خناقة' القاضية والمحامي.. وعدالة طرابلس المعطّلة
'خناقة' القاضية والمحامي.. وعدالة طرابلس المعطّلة
كتبت جنى الدهيبي في صحيفة "المدن الإلكترونية" تحت عنوان "خناقة" القاضية والمحامي.. وعدالة طرابلس المعطّلة": "تفاقمت حال قصر العدل في الشمال بعد إشكالٍ وقع بين "جناحيّ العدالة"، المحامين والقضاة. فالخلاف الذي وقع بين القاضية المنفردة المدنية، الناظرة في دعاوى الإيجارات سمر البحيري، والمحامي الدكتور نبيل رعد، نتيجة تلاسن كلامي، الأسبوع الماضي، أظهر تراكماً في فوضى الأزمات بداخله.

أسبوعٌ كاملٌ من الأخذ والردّ والادعاءات والبيانات المضادة، لم يكن كفيلًا لإنهاء أزمةٍ بدأت على قوس المحكمة، بين الرئيسة البحيري والمحامي رعد، ولم تنتهِ، حتّى بعد وصولها إلى جلسةٍ طارئةٍ عقدها مجلس القضاء الأعلى في بيروت، مع نقيبيّ المحامين في بيروت والشمال.

الرفق بالحيوان!
أثناء الجلسة التي فجرت الأزمة بين القاضية والمحامي، طلب رعد تقديم دفاعه شفهيّاً، فيما طلبت منه البحيري تقديم دفاعه أصولاً بموجب لائحة خطيّة. ورغم اختلاف الروايات المتداولة بينهما، إلا أن الثابت هو النبرة الحادة التي علت بين المحامي والقاضية، ما دفع الأخيرة إلى تقديم شكوى أمام النيابة العامة الاستئافية، في 5 تشرين الثاني 2018. وفي الشكوى، اتخذت القاضية صفة الإدعاء الشخصي بحق المحامي، بجرم القدح والذم وعرقلة مسار عمل القضاء، وطالبت بتعويض مالي بقيمة 10 ملايين ليرة لبنانية، على أن تستفيد منه - عند الحكم به - جمعيّة الرفق بالحيوان.

صيغة الدعوى، شكلت استفزازًا مباشرًا لنقابة المحامين في الشمال، لا سيما ما يخصّ طلب القاضية بدفع المبلغ لجمعية الرفق بالحيوان. فـ"نحن نفهم بين السطور جيداً، وندرك الغاية من هذه الجملة التي تمسّ بكرامة المحامين"، يقول أحد المحامين. ونتيجة ذلك، أصدرت النقابة قرارًا بمقاطعة جلسات القاضية البحيري، وهو ما حصل فعلاً، منذ بداية الأسبوع الأثنين الفائت.

لم يتقبّل نادي قضاة لبنان ما صدر عن نقابة الشمال، بشخص نقيبها عبدالله الشامي. فأصدر النادي بيانًا مضادًا للردّ على النقابة، معتبرًا أنّه "سيكون له موقف آخر، في حال عدم العودة عن قرار مقاطعة الجلسات والاحتكام للقضاء"، كما مدح القاضية البحيري، مشيراً أنّ "المعروف عنها حكمتها وتعاملها اللائق مع المتقاضين أمامها خصوصاً المحامين منهم"، وأنها "لم تلجأ إلى تطبيق أصول المحاكمات المدنية التي تجيز لها توقيف المحامي المعني والحكم عليه، إنما آثرت التروي واللجوء إلى مرجع قضائي آخر والاحتكام إليه وانتظار قراره".

"طلاع برّا"..
استنكر المحامون بيان القضاة، ووضعوه في خانة الاستفزاز والتهديد المبطن. وعلى عجل، أصدر المحامي فادي محسن إفادةً لسرد وقائع تلك الجلسة المشؤومة. يقول: "أثناء حضورنا لجلسة محاكمة أمام غرفة القاضية سمر البحيري، الناظرة بقضايا الإيجارات، عن أحد المدعى عليهم وبحضور الزميل الدكتور نبيل الفاضل رعد عن المدعى عليه الآخر، من دون حضور المدعي، بادرت البحيري وضمن الجلسة إلى ابراز مستندات وأبلغت من المحكمة بها، وهنا بادر المحامي رعد إلى الطلب من الرئاسة تقرير تقصير المهل لضرر لحق به، إلا أن المحكمة رفضت".

لم يستسلم رعد، فـ"أصرّ راجيًا من رئاسة المحكمة أن تمهله دقيقتين ليوضح سبب طلبه بتقصير المهل"، يضيف محسن: "أمام إصرار رعد، وبطريقة تشبه الإستلشاق، قررت المحكمة رد الطلب. ثم عاد الزميل ليجيب الرئيسة: شو القصة نكاية. هنا قالت الرئيسة: طلاع برا. فأجاب مجددًا: مش هيك يا ريسة. لتصر وتكرر طلبها بأن يخرج الزميل رعد من قاعة المحكمة مكررة أكثر من مرة: طلاع برا". ورغم مساعي التهدئة بين الطرفين، "أصرت الرئيسة بأن رعد تطاول عليها لشمل ذلك في محضر الجلسة، من دون أن يتلفظ بأي عبارة مسيئة أو نابية"، وفق محسن.

وفي هذا السياق، يشير أحد المحامين إلى أنّ بيان النقابة جاء أيضًا نتيجة سوء تعاطي القاضية البحيري مع عدد من محامين آخرين، الذين تقابلهم بردود إنفعاليّة أثناء الجلسات التي ترأسها. وما يستغربه المحامون المتضامنون مع رعد، وفق مصادر "المدن"، هو أنّ الأخير يتجاوز الـ 65 عامًا، وهو حائز على دكتوراه في الحقوق من فرنسا، ومشهور بأخلاقه الرفيعة في التعاطي مع زملائه ومع القضاة، وهم لم يتقبلوا طريقة طرده بأسلوبٍ وصفوه بـ "غير اللائق". أمّا معالجة القضيّة بالنسبة لهم، فتحتاج لكثير من الحكمة، لأن "للمحامين كرامتهم التي لا نقبل مسّها بإفادات كاذبة".

في المقابل، حاولت "المدن" التواصل مع القاضية البحيري، لاستيضاح وجهة نظرها من القضية، لكن ذلك تعذر "بموجب التحفظ" عن الردّ. غير أنّ مرجعًا قضائيًا سابقًا، يشير إلى أنّ ثمّة محامين لديهم أسلوب بالمماطلة يؤثر سلبًا على عمل القاضي. وما حدث مع القاضية البحيري، وفق المرجع، جاء في سياق محاولتها "إنهاء عملها واصدار الأحكام حتّى لا تدخل في دوامة التأخير، التي تؤذي مصالح الناس".

أسوأ قصر
في الواقع، فتحت هذه القضية باب النقاش واسعًا حول الوضع السيء داخل عدلية الشمال، حيث يجمع عدد من المحامين والقضاة أنّ الوضع داخل القصر هو أسوأ وضع، ولم يشهد مثل هذا السوء في تاريخه، بسبب الفوضى والنقص الكبير بعدد القضاة. إذ بعد أن وسّعوا المحاكم وفتحوا غرفًا جديدة، لم يقوموا بتأمين أعداد قضاة كافية، فأطلق على محكمة الاستئناف في الشمال، لقب "محكمة القاضي الواحد". كذلك الأمر بالنسبة لكتّاب الأقلام، الذين لا يغطون بأعدادهم الضئيلة حاجة العدلية. ورغم أنّ عددًا كبيرًا من الشباب نجحوا في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، غير أنّ تعيينهم لا يزال معلقًا بحجة "التوازن الطائفة"، وفق ما يشير المرجع القضائي.

لكن، ماذا في نهاية مطاف الخصومة بين القضاة والمحامين؟ حتّى الآن، لم يخرج مجلس القضاء الأعلى في بيروت بتسوية بين الطرفين، لكن المرجح، أن تقود هذه التسوية إلى سحب القاضية طلبها بالتعويض المالي، مقابل عودة المحامين عن قرارهم بمقاطعة جلساتها، وإلّا سيكون التصعيد المتبادل سيّد الموقف.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق هاشم: لا إمكانية لإجراء انتخابات بلدية في الجنوب
التالى بري “المستاء” يلتزم الصمت ولا يساجل الراعي

معلومات الكاتب