ما بين عامي 1904 و1905، عاش العالم على وقع الحرب الروسية اليابانية التي اندلعت بين هاتين الدولتين بسبب تصادم الأطماع التوسعية لكلا الطرفين بكل من منشوريا وشبه الجزيرة الكورية. وخلال هذه الحرب، تكبد الروس هزيمة ثقيلة وأجبروا على قبول الشروط اليابانية.
فضلاً عن ذلك، تلقى أسطول البلطيق الروسي هزائم قاسية تزامناً مع خسارته لعدد كبير من سفنه بالمعارك ضد اليابانيين. وفي خضم هذا النزاع، خسر الروس البارجة بولتافا (Poltava) المصنفة ضمن قائمة أقوى البوارج الروسية حينها حيث وقعت الأخيرة بقبضة البحرية اليابانية التي لم تتردد في الاستيلاء عليها وإعادة تسميتها.
البارجة بولتافا التي استولى عليها اليابانيون
مادة اعلانية
صممت هذه البارجة الحربية بحوض بناء السفن الأميرالية الجديدة في سانت بطرسبرغ عام 1892. وقد استمرت الأشغال عليها لسنوات عديدة لتكتمل بشكل نهائي تزامناً مع تسليحها ودخولها الخدمة في صفوف البحرية الروسية عام 1900. وفي الأثناء، أطلق على البارجة اسم بولتافا نسبة لمعركة بولتافا التي جرت وقائعها عام 1709 وانتهت بانتصار الروس على السويديين.
وحسب التصاميم، بلغ طول البارجة بولتافا 114.6 متر وقدر وزنها بنحو 11500 طن. وقد زودت بمحركات عملاقة مكنتها من بلوغ سرعة قصوى قدرت بحوالي 30 كلم بالساعة. أما من ناحية التسليح، فامتلكت بولتافا مدفعين عيار 305 ملم و4 مدافع عيار 152 ملم، إضافة لنحو 38 مدفعا آخر تراوحت أعيرتها ما بين 47 و37 ملم. كما زودت بأربع قاذفات طربيدات عيار 381 ملم وقاذفتي طربيدات أخريين عيار 457 ملم.
وبفضل سرعتها وتسليحها الجيد، مثلت بولتافا واحدة من أخطر وأقوى البوارج الحربية بالعالم مطلع القرن العشرين.
صورة ملونة اعتماداً على التقنيات الحديثة للبارجة بولتافا
ما بين عامي 1904 و1905، شاركت البارجة بولتافا بالحرب الروسية اليابانية. وفي الأشهر الأولى من الحرب، شاركت هذه البارجة بالعديد من المعارك وكبدت اليابانيين خسائر جسيمة قبل أن تتعرض لمصير قاتم خلال المعارك حول بورت آرثر (Port Arthur).
فعقب سيطرتهم على المرتفعات المطلة على بورت آرثر، وجه اليابانيون يوم 22 نوفمبر 1904 وابلاً من قذائف المدفعية نحو السفن الحربية الروسية الرابضة بالمنطقة. ولسوء حظها، مثلت بولتافا أولى السفن الروسية التي تعرضت لإصابة مباشرة حيث أصابت قذيفة مدفعية يابانية عيار 280 ملم دكتها وتسببت في انفجار أحد مخازن الأسلحة بها.
وعلى الرغم من نجاح طاقمها في السيطرة على الحريق الذي اندلع على متنها، تسربت كميات كبيرة من المياه لداخل سفينة بولتافا التي غرقت بشكل جزئي وأصبحت خارج الخدمة.
إعادة شراء البارجةبعد فوزهم بمعركة بورت آرثر، تمكن اليابانيون في يوليو 1905 من سحب البارجة الروسية بولتافا قبل نقلها نحو أحد أحواض بناء السفن اليابانية. وهنالك، أصلحوا الأضرار التي تواجدت بالسفينة وزودوها بمدافع جديدة. ولاحقاً، ضموها لأسطولهم وأطلقوا عليها اسم تانغو (Tango).
عملية قصف بورت آرثر عام 1905
وأثناء الحرب العالمية الأولى، أعلنت الإمبراطورية الروسية عن حاجتها الماسة لمزيد من السفن الحربية لتأمين عمليات نقل الإمدادات نحو قواتها. ولهذا السبب، راسل الروس حلفاءهم اليابانيين وعرضوا عليهم فكرة شراء عدد من السفن الحربية، من ضمنها البارجة بولتافا سابقا، التي استولى عليها اليابانيون في الحرب ما بين عامي 1904 و1905.
ومقابل مبلغ تجاوز 15 مليون روبل، استعاد الروس مجدداً البارجة بولتافا، التي لقبها اليابانيون بتانغو، رفقة بعض السفن الأخرى. ومع حصولهم عليها، فضّل الروس إطلاق اسم تشيسما (Chesma) على بارجتهم السابقة التي ظلت بالخدمة لحدود العام 1924 قبل أن يقدم السوفييت على تفكيكها.
