يصنف الفرنسي جوزيف دومبي (Joseph Dombey) كواحد من أهم علماء النباتات خلال القرن الثامن عشر حيث تزخر العديد من المراجع التي تعود لتلك الفترة بأبحاثه. فقد أولى جوزيف دومبي اهتماما بالسياسة ليرتبط اسمه بالعديد من الملفات والقضايا السياسية وهو الأمر الذي أدى لوفاته سنة 1794 على يد قراصنة بريطانيين.
وخلال مسيرته العلمية، قاد جوزيف دومبي العديد من الرحلات نحو جنوب القارة الأميركية، وفي طريق العودة لفرنسا لطالما اعترضت السفن البريطانية والإسبانية العالم الفرنسي في عرض المحيط الأطلسي، لتقوم بمصادرة أبحاثه ومجموعة نباتاته النادرة، والتي كانت تنقل للمتاحف البريطانية والإسبانية، قبل إخلاء سبيله.
وفي الأثناء، عاشت فرنسا وبريطانيا ما بين تسعينيات القرن الثامن عشر وإلى حدود سقوط نابليون بونابرت (Napoléon Bonaparte) على وقع حروب متقطعة اندلعت أساسا عقب الثورة الفرنسية، وإعلان قيام الجمهورية، وبسبب ذلك لم يتردد البريطانيون في مهاجمة السفن الفرنسية التي كانت تبحر في عرض المحيط الأطلسي لنهب ممتلكاتها وأسر طاقمها والعكس بالعكس، حيث ردت فرنسا بإجراء مماثل لتكون السفن البريطانية عرضة للخطر خلال إبحارها بالأطلسي.
وخلال سنة 1794، قاد العالم الفرنسي جوزيف دومبي آخر رحلة في حياته نحو القارة الأميركية حيث كان من المقرر أن يلتقي الأخير بوزير الخارجية الأميركي حينها توماس جيفرسون (Thomas Jefferson) ليعرض عليه القطيعة مع وحدات القياس البريطانية واستبدالها بنظام آخر اتجه الفرنسيون لاعتماده ومهّد لظهور النظام المتري على شكله المعاصر والمتفق عليه دوليا.
وعلى متن سفينته، حمل جوزيف دومبي معه أدوات القياس الجديدة والتي كانت عبارة عن متر لقياس الطول وأداة ثانية سبقت ظهور الكيلوغرام وحملت اسم grave. ومن خلال لقائه مع عالم النباتات الفرنسي، سعى وزير الخارجية الأميركي جيفرسون لتحسين العلاقات مع الفرنسيين عن طريق توقيع اتفاقية زراعية معهم، فضلا عن ذلك اتجه الأخير للقطع مع كل ما يربط بريطانيا بالولايات المتحدة الأميركية والتي نالت استقلالها حديثا. ولإقناع الكونغرس بتغيير نظام وحدات القياس، احتاج وزير الخارجية توماس جيفرسون لأدوات القياس النحاسية وعالم فرنسي موهوب وقادر على الإقناع.
وفي الأثناء، لم يتمكن وزير الخارجية الأميركي توماس جيفرسون من تحقيق غايته. فخلال رحلته نحو شمال القارة الأميركية سنة 1794، اعترض قراصنة بريطانيون سفينة جوزيف دومبي ليقدموا على خطفه ونقله نحو جزيرة مونتسيرات (Montserrat) بالكاريبي. وخلال فترة التحقيق معه، تظاهر جوزيف دومبي بأنه بحّار إسباني قبل أن تنكشف شخصيته الحقيقية بسبب لهجته وعدم إتقانه للغة الإسبانية.
وبينما اتجه القراصنة البريطانيون للمطالبة بفدية لإطلاق سراحه، توفي عالم النباتات الفرنسي جوزيف دومبي في الأسر خلال نفس السنة عن عمر يناهز 52 سنة لتضيع معه أدوات القياس التي كانت قادرة على تغيير نظام القياس بالولايات المتحدة الأميركية.
وخلال الفترة التالية، لم تبد الحكومات الأميركية المتعاقبة أية اهتمام بتغيير نظام وحدات القياس بالبلاد لتحافظ بذلك الولايات المتحدة الأميركية على نظام وحدات القياس البريطانية لما يقارب المائة عام، إضافية قبل أن يعتمد النظام المتري بشكل رسمي سنة 1893 عقب قرار Mendenhall Order.
وعلى الرغم من اعتماد العديد من المؤسسات الصناعية الأميركية للنظام المتري، ما تزال أغلبية الأميركيين اليوم محافظين على نظام وحدات القياس البريطانية.