حلّ عيد الميلاد المجيد وما هي سوى أيام معدودة تفصلنا عن العام الجديد، لكنّ "هدية" الحكومة الموعودة ما تزال في علم الغيب، وعجلة التشكيل تتسارع في دورانها نحو الوراء حتى باتت ولادة الحكومة أبعد من اي وعد مضى!
وإذ ساد الهدوء فجأة في الساحة السياسية وهدأت معارك التوزير، لا سيما وأنّ الاتصالات بين جميع الاطراف ما تزال منقطعة، حيث لا مبادرات جدّية تلوح في الأفق لتنذر بانفراج قريب، الا أن موقف رئيس الجمهورية ميشال عون خرق الصمت المريب من خلال تصريحات وصفها رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي بـ"الاصبع على الجرح"، متمنياً بعد معايدة عون في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" بمناسبة الميلاد المجيد، أن تكون هذه الايام "مناسبة للعودة الى الدستور وروحيته بعيدا عن اي اجتهاد".
فخامة الرئيس ميشال عون اطيب التمنيات لك ولجميع اللبنانيين بعيد الميلاد المجيد.بكلامك اليوم وضعت الاصبع على الجرح عندما قلت "ان البعض يخلق تقاليد جديدة بتأليف الحكومة لم نألفها سابقا ونحتاج لبعض الوقت لإيجاد الحلول لها"
فلتكن مناسبة للعودة الى الدستور وروحيته بعيدا عن اي إجتهاد.
وقد بدا موقف ميقاتي متقاطعا مع ما أفادت به مصادر سياسية مطلعة لـ "لبنان 24" بأن عون بات مستاء جدا من المسار الذي سلكته عملية التشكيل معتبرة أن كل الأفرقاء دون استثناء هم شركاء في عملية التعطيل! تغريدة ميقاتي نقلتها قناة OTV التابعة لـ "التيار الوطني الحر" مباشرة بعدما استهلّت نشرة أخبارها بتصريحات الرئيس ميشال عون، هذا الأمر الذي عكس تبنّياً لتمنيات ميقاتي مظهراً بما لا يحتمل الشك دعمه لكل المساعي المبذولة لأجل ولادة الحكومة ووقوفه الى جانب رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري في مواجهة الأزمة.
وفي سياق متصل، فإن البيان الذي صدر عن العلاقات الاعلامية لـ"حزب الله" قبل يومين والذي نفى أن يكون قد جرى التصريح لأية وسيلة اعلامية عن موقف الحزب من منح "الوطني الحر" الثلث الحاكم، فسّره مصدر مطّلع على أنه "نفي للتصريح وليس للواقع الذي لم تتطرّق اليه العلاقات الاعلامية في بيانها لجهة رفض الحزب ان يكون الثلث زائد واحدا بيد التيار" مشيرا الى أن "حزب الله" قد أكد لوسائل الاعلام في اكثر من مناسبة عدم الاعتماد على اية مصادر تتحدث باسمه لافتاً الى ان اي كلام رسمي يُنقل عبر بيان يصدر عن العلاقات الاعلامية او عن كتلة "الوفاء للمقاومة" فقط!
اما على صعيد الحلول المقترحة للخروج من الأزمة الحكومية، اعتبر المصدر أنها توقفت عند مبادرة الرئيس ميشال عون والتي قادها اللواء عباس ابراهيم، مؤكدا على أن العودة الى الوراء هو امر غير وارد ابدا بالنسبة لعون، واما بالنسبة للرئيس الحريري وباقي الأفرقاء المعنيين بالتشكيل فإن الصورة، بحسب المصدر، اصبحت غير واضحة وأن ولادة الحكومة قد دخلت في نفق مظلم وبات الخروج منه يستدعي نقطة وسطرا جديد!
اذاً، فإن كل المساعي التي بذلها الجميع في ملف التشكيل باتت مشلولة، والرئيس المكلف اصبح يقف شبه عاجز امام الوعود التي اطلقها باقتراب ولادة الحكومة، هذه الولادة التي ما أن ظن اللبنانيون انها تيسّرت، حتى عادت لتتعثر من جديد بحجج واهية!