بعد أيام على سفر الرئيس المكلّف سعد الحريري واعتكافه في باريس لحين حلحلة ما سمّي بـ"العقدة السّنية" بين رئيس الجمهورية ميشال عون و"حزب الله" تناقلت بعض الأوساط السياسية في الأربع والعشرين ساعة الاخيرة خبراً مفاده أن الأخير قد أخبر حلفاءه السنّة قراره بعدم امكانية توزير أي من النواب الستة معللاً ذلك بأنهم ينضوون تحت لواء كتل نيابية تمثلت بالأساس بحصة في الحكومة اللبنانية.
ما لا شكّ فيه أن هذا القرار شكّل صدمة لدى النواب الذين ما زالوا حتى الساعة يحاولون الضغط باتجاه أحقّيّة تمثيلهم في الحكومة المقبلة، الا أن مصادر مطّلعة أفادت لـ "لبنان 24" أن "حزب الله" اعتبر خطاب أمينه العام السيد حسن نصر الله بمثابة مخرج من دائرة الإحراج التي علق فيها، مشيراً الى أن الأخير كان قد حدّد سقف مطالبه لجهة حلفائه بتوزير سنّي من فريق 8 آذار من دون شرط ملزم، وبالتالي فإن العدول عن قرار التمسّك بأحد نواب المعارضة السنة هو لتسهيل ولادة الحكومة ولا يمكن أن يصنّف ابداً ضمن خانة التخلّي.
من جهة اخرى، فقد نُقل الى رئيس الجمهورية رغبة "حزب الله" باستكمال المشاورات للوصول الى شخصية توافقية تهوّن عملية اقناع الرئيس الحريري بتوزير احد الاسماء السنية المطروحة، والتي ما زال عبد الرحمن البزري الأبرز من بينها، على رغم الاعتراض الشديد الذي أبداه النائب أسامة سعد معلنا رفضه توزير خصمه السياسي الذي اختار الابتعاد عن خطّ 8 اذار في السنوات الخمس الاخيرة.
في سياقٍ متّصل أشار مصدر آخر الى أن "حزب الله" رفض بشكل قاطع العرض الذي تلقّاه من جهات فاعلة في عملية التشكيل، يقضي بتوزير سنّي ضمن حصته مقابل شيعي من حصة احد الرئيسين، مؤكدا اصراره على التمسّك بحصته الوزارية المؤلفة مبدئيا، وبحسب المصادر، من وزارة الصحة ووزارة الشباب والرياضة ووزارة دولة، وبالتالي فهو سيسعى حتماً الى فرض احد حلفائه من خارج حصته.
وإذ ربط المصدر هذا الحل بتصريح الوزير جبران باسيل الأخير، حيث اعتبر أنه على الجميع أن يضحّوا في سبيل تسهيل ولادة الحكومة "ونحنا مستعدين نضحّي"، الا ان "التيار الوطني الحر" لم يقدّم حتى الآن اي نوع من التنازلات في ما يخص الحصص الوزارية وقد تكون هذه التضحية هي القبول بتوزير سنّي ضمن حصّته، وذلك ارضاء لـ "حزب الله" الذي، وبحسب مصادر خاصة، توتّرت علاقته بعون ولا سيما بعد اللقاء التلفزيوني الأخير بمناسبة مرور عامين على انتخابه، والذي أوحى من خلاله برفع الضغط عن "حزب الله" لجهة التزامه، الأمر الذي تسبّب بإحراج الحزب أمام حلفائه وزاد من حوله الحصار.
من جهته فقد تبلّغ "حزب الله" رسالة سُرّبت اليه من مجالس خاصة تنقل مدى استياء احد نوّاب كتلة السنّة من البتّ في موضوع التوزير، وقد أفصح مصدر مقرّب بأن هذا النائب صعّد في ردّ فعله مهددا بالانفصال عن فريق 8 اذار في حال لم يتم توزيره، وباتخاذ مواقف علنية ضد "حزب الله"، خصوصاً في ما يخص الموضوع السعودي – الايراني. واعتبر المصدر أن جميع المؤشرات تدل إلى أنه فور تشكيل الحكومة سوف "تفرط" هذه الكتلة السنية الشبيهة بكتلة النائب طلال ارسلان والقائمة على "التجميع" من اجل نيل مقعد إضافي، وهي لن تقدّم أو تؤخّر ابداً على الساحة السياسية.
بالمحصلة، فإن الـ 48 ساعة المقبلة من شأنها أن تحدّد خارطة التشكيل، إذ قد يتم التواصل مع الرئيس الحريري لإبلاغه قرار "حزب الله" غير المعلن حتى هذه اللحظة. فهل ستبقى الحكومة على نار هادئة إلى حين موعد خطاب السيد حسن نصر الله المقبل في ١١ تشرين الثاني، والذي قد يحمل مفاجآت جديدة على صعيد الملف الحكومي والتي ستؤدي الى حلّ العقدة الاخيرة لينطلق الرئيس ميشال عون بعهده أم أن الحكومة ستصبح في مهبّ الريح وسيبقى التعطيل مستمراً؟