هذه النسبة المتدنية التي لم تتجاوز 12.5% حملت خبرا غير سار لتيار المستقبل ونغصت عليه فرحته بالفوز الانتخابي الذي جاء ضعيفا، وإن كان مبررا في نواح كثيرة. وفي الواقع تتوزع أسباب هذا التدني غير المسبوق في عدة اتجاهات:
٭ هناك أولا انتفاء طابع «المعركة السياسية» مع مقاطعة فريق ٨ آذار (فيصل كرامي وجمعية المشاريع)، وهذا وحده سبب كاف لسحب «العصب» السياسي من هذه المعركة وإطفاء الشعارات السياسية الكفيلة وحدها أو أكثر من غيرها في تعبئة الصفوف والنفوس. وهذا الفريق قرر المقاطعة بعد انسحاب ريفي من المعركة وتأييده لمرشح الحريري، وبالتالي انعدام فرصة الفوز لمرشحه «طه ناجي». ولذلك، فإن عدم ترشح ريفي كان خدمة أسداها للحريري، ويكفي أنه فعل ذلك. ولذلك أيضا، فإن مقاطعة فريق 8 آذار كان قرارا صائبا من الوجهة السياسية، لأن مشاركته كانت سترفع نسبة المشاركة الشعبية ويعطي المعركة طابعا آخر. فيما انسحابه من المعركة جعلها محسومة النتائج سلفا، وفي حكم المنتهية، ما جعل كثيرين غير متحمسين للاقتراع أو غير معنيين بالمعركة.
٭ هناك ثانيا غياب الحوافز المباشرة، وأولها ما يتعلق بغياب المال الانتخابي، حتى أنه لم يسجل دفع مبالغ للمفاتيح الانتخابية، وغياب المظاهر الانتخابية والأنشطة الشعبية والاجتماعية والخدماتية، إضافة الى عدم اقتناع الشارع الطرابلسي بـ«ديما جمالي» على أنها الخيار الوحيد والأنسب، وبوحدة الصف الطرابلسي التي تحققت حولها، تماما كما حصل في الانتخابات البلدية التي فاز فيها ريفي رغم كل الحشد السياسي المواجه الذي لم يترجم على الأرض لأنه لم يقنع الناس.
٭ هناك ثالثا الانكفاء الشعبي العائد الى تراجع الثقة الشعبية بقيادة المستقبل، بسبب تنامي الشعور بأن الوعود الانتخابية السابقة لم تنفذ، وبأن الرئيس الحريري لا يزور طرابلس ولا يستنفر جمهورها إلا بمناسبة الانتخابات. وفي الواقع، واجه الحريري الكثير من الأسئلة المحرجة أثناء زيارته الى طرابلس ومن نوع: لماذا لا نشاهدك في طرابلس إلا في المواسم الانتخابية؟! وماذا عن مصير موظفي «سعودي أوجيه»؟! وماذا عن حصة طرابلس من «سيدر»؟! ولماذا لم تنفذ المشاريع الإنمائية الخاصة بطرابلس، ولم يتم تفعيل معرض طرابلس الدولي والمنطقة الاقتصادية.