النازحون والمبادرة الروسية المعطّلة.. والإرادة الأميركية

النازحون والمبادرة الروسية المعطّلة.. والإرادة الأميركية
النازحون والمبادرة الروسية المعطّلة.. والإرادة الأميركية
تختلف المسوغات التي يتفق عليها لبنان وروسيا في شأن عودة النازحين السوريين إلى ديارهم مع مسوغات الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية حيال الملف العالق.

وفيما كثر الحديث في الأونة الأخيرة عن المبادرة الروسية لعودة النازحين بصفتها الضامن الوحيد لحل هذه الأزمة المستعصية، فإن هذه المبادرة لا تزال في ثلاجة الانتظار، لأن المقاربة الأميركية لا تزال تقطع الطريق على تهيئة الظروف المؤاتية لعودة السوريين إلى بلدهم، وهي لم تتبدل في المطلق، على عكس ما يظن البعض؛ فشهادة وزير الخارجية مايك بومبيو أمام الكونغرس رغم الترحيب اللبناني الرسمي بها، ربطت عودة النازحين بالظروف الملائمة التي لا تزال غير متوفرة بالنسبة للإدارة الأميركية، خاصة وأن كل الدعم المقدم للبنان مرتبط بطريقة أو بأخرى بإبقاء النازحين حيث هم إلى أجل تفرضه المفاوضات والتسويات الدولية والاقليمية، وتجدر الإشارة، إلى طرح البنك الدولي إدخال نسبة من النازحين السوريين بمشاريع للشباب اللبناني وفق البرنامج المطروح امتداده لسنة 2025 .

ما تقدم، لا يؤشر سوى إلى حقيقة واحدة مفادها أن حل أزمة النزوح بمنأى عن مسار الحل السياسي لن يتحقق رغم إصرار موسكو على الدفع بعودة النازحين إلى مناطقهم السورية وديارهم، علما أن الرئيسين ميشال عون وفلاديمير بوتين أعربا عن تأييدهما في بيان مشترك بعد اجتماعها الشهر الماضي "للجهود الرامية الى تطبيق مبادرة روسيا لتأمين عودة اللاجئين السوريين والمهجرين داخليا"، معتبرين أن "حل هذه المشكلة يعتمد مباشرة على تهيئة الظروف المؤاتية في سوريا، بما في ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية، من خلال إعادة الاعمار ما بعد الصراع".
من هنا، فإن ما يحكى عن خيارات لبنانية من هنا وهناك، بات خارج الواقع، تقول مصادر مطلعة لـ"لبنان24"، فمسار العودة لا يتوقف على الخيار اللبناني المتشدد بتحقيق ذلك في أسرع وقت، ولا على التنسيق اللبناني -  السوري، إنما يتوقف على إرادة المجتمع الدولي الذي لم يغير سياسته المعتمدة تجاه لبنان في شأن قضية النازحين، لافتة الى ان التفهم الأميركي والأوروبي لموقف لبنان الداعي الى تسهيل العودة الآمنة، لاعتبارات عدة تتصل بتداعيات أزمة النزوح على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، يقابله في الوقت عينه دفع الاتحاد الاوروبي إلى تأكيد بقاء النازحين في الدول المضيفة وتخصيصه أكثر من مليار يورو للاجئين السوريين لعامي 2019 و2020 حيث هم، مقابل إعلانه أيضا أنه لن يخصص أي أموال لسوريا قبل بدء العملية السياسية  تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف.

وفي هذا السياق، يشدد السفير الروسي الكسندر زاسيبكين لـ"لبنان24" على أن المبادرة الروسية ثابتة، ولا رجوع عنها، خاصة وأن الظروف تسمح بتحقيق عودة النازحين، فسوريا تحررت من الإرهاب، وحكومتها بدأت بتأهيل البنى التحتية بما في ذلك المرافق ذات الأهمية الاجتماعية والمدارس والمستشفيات، لافتاً إلى أن موسكو منصبة على تحقيق ذلك بالتنسيق مع لبنان وسوريا التي تبدي تعاوناً حقيقيا لا سيما في ما خص الخدمة العسكرية والعفو، على عكس ما يشاع.

ورغم ذلك، فإن تعطيل المبادرة مستمر من قبل الإدارة الأميركية عبر تهديد الشركات الأجنبية والاقليمية والعربية التي قد تشارك في إعادة الإعمار باتخاذ عقوبات ضدها، يقول زاسيبكين، هذا فضلا عن تردد الدول الأوروبية، فتارة تربط المشاركة في إعادة الإعمار بالتسوية السياسية، وتارة أخرى تتذرع بالشكوك وتخويف النازحين، لتعلن أنها قد تشارك في الإعمار إذا تبددت تلك المخاوف. ومع ذلك فان روسيا تواصل دعوة الدول الأوروبية والخليجية للمساعدة في تحقيق العودة من دون ربط الامر بأي ملفات أخرى.

وسط هذا المشهد، فإن مصادر مطلعة على الموقف الاميركي، تؤكد لـ"لبنان 24" أن واشنطن التي تراجعت عن الانسحاب من شمال شرق سوريا لن تساهم او تسمح بالمساهمة في تمويل إعادة إعمار إلا مع تطور العملية السياسية وخروج القوات الايرانية بشكل كامل، معتبرة أن إدراج الإدارة الاميركية الحرس الثوري الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية، وتشدد الرئيس دونالد ترامب في الضغط على طهران، يهدف إلى قطع الطريق على انخراط الشركات الإيرانية في عملية إعادة الإعمار وتحقيق أية مكاسب سياسة على الارض السورية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى “الحدّ الأدنى” للبقاء على قيد الحياة

معلومات الكاتب