وهذا الأمر يتطلب لفتة مباشرة من الدولة للمدينة، مع العلم أن في أدراجها الكثير من المشاريع الجاهزة، والتي لا تحتاج سوى إلى قرار جريء وحازم للبدء بالتنفيذ، خصوصًا أن الوعود هذه المرّة لن تبقى مجرد وعود تنتهي مع إنتهاء مفاعيل 14 نيسان، لأن قياداتها السياسية، وعلى رأسها الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يولي المدينة وأهلها كل العناية ويبدي حرصه على أن تحصل على حقوقها الإنمائية، مجمعة على أن تكون المرحلة المقبلة مغايرة عن المراحل السابقة، وهم بدوا من خلال وحدة كلمتهم متعاونين لإيصال كلمة الطرابلسيين إلى كل لبنان، ولممارسة الضغط اللازم لكي ترى المشاريع الإنمائية النائمة النور من جديد، ولكي تُنفض عنها الغبائر.
ما فعلته فرعية طرابلس لم تستطع أن تفعله المبادرات الفردية السابقة، على أهميتها، وهي التي وحدّت كلمة المدينة حول أحقية أن تنال ما لم تنله في السابق، على رغم المحاولات الجدّية المتكررة، التي أجهضتها الحروب المفتعلة، والتي سيطرت عليها الذهنية الميليشياوية، والتي كانت متمثلة بـ"قادة المحاور".
فما بين اليوم والأمس فارق كبير، في التوجهات والإرادات، بإعتبار أن لا خلاف بين مكونات المدينة على أولوية الإنماء والتطوير والتحديث، وهذا ما حرص الرئيس ميقاتي على تعميمه كثقافة ملزمة لكل من تربطه بعاصمة الشمال علاقة تاريخية وحضارية، إذ أن الإنتخابات ليست سوى محطة عبور من ضفة إلى أخرى، ومن عقلية الإستئثار إلى عقلية الإنفتاح، لكي يعود وجه "الفيحاء" مشرقًا كما كان، وهي المدينة التي عاشت صيغة العيش الواحد بين جميع أبنائها بكل تفاصيلها وتقاليدها.
قد يكون موعد الإنتخابات الفرعية، التي تصادف مع إحتفال أهل المدينة بعيد الشعانين، أكثر من صدفة، لما لهذا الإحتفال من رمزية في الوجدان الطرابلسي، وهو لا شك سيكون فاتحة خير لمدينة التعايش المقبلة على فصح، عسى أن يحمل في بشائره ما يبلسم الجراح، ويكون البداية لعودة طرابلس إلى عزّها وإزدهارها وعمرانها.