أخبار عاجلة

موازنة 2019... خيارات مفتوحة

موازنة 2019... خيارات مفتوحة
موازنة 2019... خيارات مفتوحة
جرت اتصالات خلال الاسبوع الماضي، تمحور بعضها في القصر الرئاسي وبعضها الآخر تولاه رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي لا ينفك يؤكد العمل على اخراج البلد من أزمته الاقتصادية، فضلاً عن المواقف المتتالية التي كان قد تناولها رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع زواره من شخصيات سياسية واقتصادية، صبت كلها عند سؤال مركزي يتصل بإصدار موازنة العام 2019 وما يجب أن تتضمنه من إجراءات اختلفت النعوت التي استخدمت للتعبير عن طبيعتها الاستثنائية، فجرت تسميتها بالجريئة والصعبة. وبدا أن أحد النتائج التي ركز عليها الحريري هي ضرورة أن تتشكل لجنة تمثل الكتل السياسية الأساسية بهدف مناقشة الاجراءات المطلوبة والاتفاق على قرارات قد تكون في شق منها غير شعبوية تستدعي توفر الغطاء السياسي التوافقي لها، الذي يشكل إجراءً احترازياً في وجه أي محاولة اعتراضية قد يقوم بها الشارع أو قوى وهيئات تصنف نفسها معارضة في مواجهة المكونات الحكومية.

وتهدف هذه التدابير إلى تخفيض عجز الموازنة الذي كانت التقديرات الأولية لها بصيغتها الأولى غير المشذبة تتوقع أن يبلغ 11 في المئة من الناتج، في حين أن التقديرات الحقيقية تشير إلى أن الأمور في ما لو تركت على حالها فإنها سوف تتجاوز هذه النسبة، مع الإشارة إلى أن متطلبات "سيدر" الإصلاحية تضمنت إلحاحاً من قبل الأوروبيين والبنك الدولي، بضرورة تخفيض العجز كأحد الشروط المطلوبة لإطلاق مسار "باريس4".

من هنا، فإن وزير المال علي حسن خليل الذي أودع موازنة العام 2019 لدى رئاسة مجلس الوزراء أظهر مراراً عدم موافقته على حجم العجز المترتب عليها، ولذلك فإنه وعلى مدى الأشهر الماضية حرص على إحاطتها بكتمان شديد وأبلغ مجلس الوزراء بعدم اقتناعه بها. 

وعليه فإن التباطؤ أو التريث الذي طبع تعاطي الحكومة مع الموازنة إنما كان ينطلق في حقيقته، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة لـ" لبنان24"، من موقف مضطرب نتيجة البحث عن الوسائل الكفيلة لتشذيب الموازنة وعصرها وتخفيض نسبة العجز فيها.

لم تتجاسر الطبقة السياسية على الإعلان أن موازنة العام 2019 اقتربت من 29 الف مليار، وهذا الأمر بدا بوضوح أنه غير مبرر وغير منطقي في ظل أزمة المالية العامة وتراجع واردات الدولة وزيادة نفقاتها، وضمور مصادر التمويل. ولا يخفى في هذا السياق أن أياماً عصيبة مرت بها خزينة الدولة، فحساب الـ 36 بدا شبه خاو وميزان المدفوعات يعاني من نقص كبير، كما أن عروضاً عديدة للاكتتاب بسندات الخزينة لم تلق التجاوب المطلوب.

لقد بدأ البحث عن سبل المعالجة، وللمرة الأولى وجدت الحكومة نفسها أمام خيارات صعبة، لا مناص منها، وفي غياب أي خيارات اخرى يمكن اعتمادها لتأجيل المشكلة ومنع الانهيار. ولهذا جرى التصويت في المجلس النيابي على إلزام الحكومة بتخفيض العجز 1 في المئة، ولهذا ايضاً ذهبت الحكومة وبكل إصرار لانجاز خطة الكهرباء، بيد أن ما يتم تداوله من إجراءات يتوقع له أن يخفض العجز إلى 2.5 في المئة من الناتج. وفي الواقع فإن مروحة الطروحات التي يتم تداولها، وفق المصادر نفسها، تتضمن أفكارا شديدة الجرأة  من قبيل تخفيض الرواتب بصورة موقتة، وفق سيناريوهات متعددة، بعضها يقوم على تقسيم الرواتب إلى شطور يستثنى منها رواتب الفئات الدنيا، في حين أن افكاراً أخرى تقترح تخفيضات شاملة لا تستثني أحداً. وثمة من يضيف بأن هذه التخفيضات المؤقتة إنما هي حقوق مكتسبة يتم تجميدها موقتاً، على أن تلتزم الدولة بعد سنوات بإعادتها إلى أصحابها مع فوائد مخفضة. في المقابل، ثمة من يرى أن كل هذه الإجراءات التي تتصل بالرواتب لا داعي لها، لأن تخفيض العجز المنشود يمكن بلوغه من خلال إجراءات صارمة أخرى، وقرارات تقشفية وترشيدية لا تستدعي المس بالرواتب أو بالزيادات التي طرأت على السلسلة.

وبطبيعة الحال، أن ما يبدو من إجراءات هي محل توافق  تتمثل بـ إيقاف التوظيف، وتخفيض الإنفاق غير الضروري أو إلغائه وضبط الهدر والغاء الإعفاءات الجمركية بمجملها وإعادة النظر باتفاقات التبادل التجاري التي لا فوائد منها، وإسهام جوهري من المصارف عبر الاكتتاب بصفر فائدة.

كل هذه الموضوعات، ستشكل مادة النقاش الأساسي ليس فقط على طاولة اللجنة التي ستمثل الكتل السياسية الاسبوع المقبل، إنما أيضاً ستشكل الشغل الشاغل لمختلف الأوساط السياسية والاقتصادية، لا سيما أن مواقف الفرقاء يبدو أنها تتسم بمعظمها بالتريث ولم تعلن أي جهة بصورة علنية مواقفها تجاه ما هو مطروح.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى “الحدّ الأدنى” للبقاء على قيد الحياة

معلومات الكاتب