يستغرب "أبو البراء" التضييق على المخيمات وخصوصا "عين الحلوة" و"المية ومية"، ومحاولة تصوير قرى محاذية لهما على أنها ضحية الصراع الفلسطيني، متسائلا: كيف سُمح للمسلحين من حركة فتح الدخول الى المية ومية، إذا كان هناك مخاوف على المسيحيين أو على اللبنانيين المحيطين بالمخيم؟، ولماذا تم المغامرة بهذا الأمر بحجة قتال مجموعة جمال سليمان؟، مشيرا الى ضغوطات أخرى تتمثل بحرمان الفلسطيني من ممارسة 72 مهنة، ما يشجعه على الهجرة..
يقول نزال في حديث لـ"سفير الشمال": هذه الأسئلة منطقية ولا إجابات منطقية عليها، بل هناك فقط تلطي خلف شعارات فضفاضة تحت عنوان محاربة الارهاب ونزع سلاح المخيمات، علما أن السلاح الموجود في المخيمات هو سلاح خفيف ومتوسط، كذلك فإن الفلسطينيين لهم تجربة مريرة مع نزع السلاح في مخيميّ صبرا وشاتيلا.
ويرى أن هناك حالة من القلق تسود الفلسطينيين في لبنان، وهذا ينسحب أيضا على الفصائل الفلسطينية من أن يكون هناك جهات تريد دائما حصول توترات أمنية في المخيمات لتبقى فزاعة أمنية تستخدم عندما تدعو الحاجة السياسية أو الأمنية.
ويضيف نزال: لا شك في أن المخيمات تعيش حالة من القلق والتذمر، ولا أحد يستطيع تفسير السلوك غير المنطقي المتبع مع المخيمات، وهناك تشجيع لحركة فتح لتلزيمها أمن المخيمات تحت شعار محاربة الارهاب، في حين أن فتح تمثل الجهة الرسمية الفلسطينية المتكيفة مع الحالة الرسمية العربية، الأمر الذي قد يدفع المخيمات الى حال من الفوضى، علما أن بعد خروج جمال سليمان من المية ومية، حصلت مناوشات مع حركة حماس تم إحتواؤها بصورة سريعة، لذلك فإن وضع مخيمات لبنان لا يطمئن، ويحتاج الى موقف لبناني رسمي وواضح، وإذا كان الموقف اللبناني لا يريد التوطين، فعلى الدولة أن تتبع سياسة حكيمة ومقبولة تتفق فيها مع الجانب الفلسطيني، لكن للأسف لا يوجد موقف موحد في لبنان، وكذلك على الفصائل الفلسطينية أن تحدد أهدافها وماذا تريد، خصوصا أننا لا نفسر الأشياء بشكل مبسط بقدر ما نضعها في خانة التآمر على القضية الفلسطينية من أطراف محددة.
ويقول نزال ردا على سؤال: تراكم التجارب عند الفلسطيني أوصلته الى قناعة بأن التدخل في الشؤون الداخلية للدول يجلب الكوارث، ونحن نؤكد أن الفلسطينيين في لبنان ليس لديهم مصلحة في أن يكونوا جزءا من الصراع الدائر، وبصراحة فإن الزج بالفلسطينيين لا يمكن فهمه في سياق بريء، خصوصا أن المرحلة التي شهدت إشتباكا لبنانيا ـ فلسطينيا تم تجاوزها، وكل المخاوف الحالية مفتعلة، وإذا كان هناك حوادث فردية فلا يمكن قياسها على الجو العام.
إنتصار غزة
وعن الانتصار في غزة يقول نزال: ما جرى في غزة كان عملية أمنية بالغة التعقيد، وكان العدو الاسرائيلي يريد تنفيذها، وهي ليست مسألة إختطاف أو إغتيال، بل هي عملية تقنية لزرع أجهزة تجسس للحصول على معلومات عن الأسرى ولأهداف أخرى.
الاشكالية هي، أن الوحدة الاسرائيلية المكلفة تم إكتشافها، وحدثت إشتباكات بادرت فيها مجموعتنا باطلاق النار فقتلت قائد الوحدة وجرحت نائبه، وقد إعترفت إسرائيل بقتيل وجريح واحد لكن المعلومات تشير الى جرح سبعة جنود، وتمكنت القوات الاسرائيلية بالتغطية النارية من إسترداد جثة الضابط ونقل الجرحى، وعلى الفور أنشأت حماس والمقاومة غرفة عمليات مشتركة وقررت الرد المحدود كرسالة للاسرائيليين على أنها لن تسكت، وقد أصابت المقاومة حافلة إسرائيلية بصاروخ “كورنيت” فشن الاسرائيليون غارات وأصابوا منشآت وأبرزها تدمير مبنى قناة الأقصى، فردت حماس بصواريخ وصلت الى عسقلان على بعد 25 كيلومترا حيث تقدمت وتجاوزت غلاف غزة، وكان تهديد مباشر للاسرائيليين بأنه في حال الاستمرار بالغارات فإننا سنوسع دائرة المعركة، وهذا ما دفع الاسرائيليين الى وقف إطلاق النار.
ويرى نزال أن ما جرى هو تطور مهم جدا للمقاومة الفلسطينية التي حققت سلسلة من الانجازات أبرزها:
أولا: أفشلت العملية الاسرائيلية.
ثانيا: تمكنت من قتل ضابط الوحدة وجرح نائبه وستة آخرين.
ثالثا: أصابت حافلة بصاروخ ″الكورنيت″ الذي يستخدم للمرة الأولى، وكان رسالة بالغة الأهمية، كما أن حماس أطلقت صواريخ تجاوزت القبة الحديدية التي يتباهى بها الاسرائيليون.
رابعا: تحقيق توازن رعب بين حماس والعدو الاسرائيلي، حيث أن إسرائيل لم يعد بامكانها أن تضرب متى تشاء، كما أن حماس لا تعتمد مصطلح الرد في الزمان والمكان المناسبين، بل هي تعتمد الرد المباشر.
خامسا: الخلاف الذي حصل في الداخل الاسرائيلي وإستقالة ليبرمان، حيث تم إرباك إسرائيل ومنظومة الحكم فيها، فإنقلب السحر على الساحر ودفعت إسرائيل ثمنا باهظا.
سادسا: إن هذا المعركة المحدودة ساهمت في تغيير مناخ التطبيع السائد في الشارع العربي، وفي تشكيل رافعة معنوية لهذا الشارع المحبط بسبب سياسات التطبيع وإنفتاح بعض الأنظمة العربية على إسرائيل.
سابعا: موقف مصر المتقدم حيث كانت زيارة اللواء أحمد عبدالخالق رئيس الملف الفلسطيني في المخابرات المصرية الى غزة وتعزيته بالشهداء لها دلالات سياسية كبيرة، وشكلت رسالة بالغة الأهمية، علما أن تطور الموقف المصري من الصراع العربي الاسرائيلي سيلقي بظلال إيجابية على الحالة العربية ككل.
حزب الله
وعن العلاقة مع حزب الله يقول نزال: العلاقة مع حزب الله تشهد تحسنا وتطورا تدريجيا، خصوصا أننا تجاوزنا المرحلة السابقة المتعلقة بالخلاف في المنطقة العربية، وهناك ما هو مشترك بيننا وبين الحزب هو القضية الفلسطينية، وهذه القضية فيها توافق ونحن “نتعاون فيما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضا في ما نختلف فيه”.
الأسرى
ويشير أبو البراء ردا على سؤال الى أن ملف الأسرى يراوح مكانه، بسبب الخلافات الداخلية الاسرائيلية والمزايدات التي تعيق أي تقدم في هذا الملف، لكن الاسرائيليين لا بد وأن يدخلوا في عملية مفاوضات، وحماس لا يمكن أن تفاوض إلا بشرط إطلاق سراح الأسرى المحررين الذين تم تحريرهم في صفقة شاليت، وأعيد أسرهم مرة أخرى.
القدس
ويختم أبو البراء مؤكدا أن القدس جوهر القضية الفلسطينية وتمثل رمزيتها، ومواجهة تهويد القدس هو جزء من مواجهة القضية برمتها، علما أن إنعكاسات أية مواجهة مع العدو من شأنها أن تنعكس سلبا أم إيجابا على القدس، والمواجهة الأخيرة حملت إيجابيات الى القدس كما العالم العربي والاسلامي، ولا شك في أن القدس هي أكثر المدن غليانا، حيث أن أكثرية العمليات الفردية من دهس وطعن كلها حصلت في القدس.