إستقالة وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان، إثر وقف إطلاق النار في غزة ليست مسألة إسرائيلية داخلية، بل يجب التعاطي معها على أساس أنّ ارتداداتِها تطاول رقعة الشرق الأوسط بكاملها، هي إقرار ضمني بانتصار حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة، وبالتالي تعزيز أوراق إيران في النزاع مع إسرائيل في موازاة هرولة خليجية الى التطبيع معها والاندفاع في فتح الطريق امام "صفقة القرن".
لكنّ الأهم، أنّ رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو يتّجه الى حلّ الكنيست رغماً عنه والدعوة الى انتخابات مبكرة في غضون ثلاثة اشهر، ما يعني وضع ملف "صفقة القرن" جانباً، ولو موقتاً، بعدما كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب باشر اندفاعته لإنجاز التسوية النهائية الفلسطينية - الإسرائيلية ليستثمرها ورقةً قويةً في حملات التجديد لرئاسته.
كل هذا المشهد بدّلته استقالة ليبرمان، في وقت كان الديبلوماسيون الأميركيون متوجّسين من سعي إسرائيل الى الهروب من هذه التسوية، عبر ذهاب نتنياهو الى انتخابات مبكرة، ولكن بحجّة ملفّ التحقيقات معه.
وكان نُقل عن ترامب قوله للرئيس الفرنسي، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ايلول الماضي، أنّه بدأ يقترب من رأي ماكرون في أنّ رئيس الحكومة الاسرائيلية يرفض أيَّ شكل من أشكال التسويات السلمية وأنّه لا يؤمن بها.
وخلال جولة القتال الأخيرة في غزة، شهدت المواجهات رسائل متبادلة حول تطوّر القوة العسكرية لدى الطرفين. فالجيش الاسرائيلي، الذي طالما تحدّث عن تطوير قدراته العسكرية ضد "حماس" و"الجهاد الاسلامي" في غزة و"حزب الله" في لبنان، بدت قدرتُه باهتة الى حدٍّ ما ومشابهة لجولات القتال السابقة.
وما اعتبرته إسرائيل خطوة نوعية جديدة، هو تدمير طائراتها الحربية كلياً 4 أبنية تراوح ما بين 5 الى 7 طبقات استُخدمت مقرّات عسكرية.
لكن الفلسطينيين أظهروا تطوراً نوعياً كبيراً. فمن جهة امتلكوا صواريخ جديدة أكثر دقّة، نجحت الى حدٍ ما في التغلّب على "القبّة الحديد"، فمن أصل نحو 400 صاروخ نجحت هذه "القبّة" في اعتراض 120 صاروخاً فقط . كذلك نفذوا عمليات استهداف دقيقة وصعبة، مثل الحافلة العسكرية الاسرائيلية، وصوروها وفق طريقة عمل "حزب الله".
ولا شك، في انّ الجيش الاسرائيلي قادر على اجتياح غزة ولكن بأي كلفة؟ والأهم ماذا بعد؟".
وتابعت الصحيفة: "ولأنّ الساحة اللبنانية تبقى مرآة نزاعات الشرق الاوسط وتوازناته، فلا بدّ من قراءة "التقلبات" الحكومية من زاوية المستجدات الاقليمية لا التبريرات الداخلية الباهتة والمبّسطة والسطحية.
فهنالك من تعاطى مع التشكيلة الحكومية في البداية من زاوية انتظار العقوبات على إيران و"حزب الله"، ومن ثم الذهاب الى تشكيلة حكومية تعكس المستجدات الصعبة على "حزب الله" وتعوّض نتائج الانتخابات النيابية.
وبعد تطورات مقتل خاشقجي ومن ثم الذهاب الى وقف الحرب في اليمن والآن نتائج معركة غزة، فإن هنالك في المقابل من بات متمسكاً بمعادلة حكومية تتناغم مع المستجدات الاخيرة.
صحيح انّ "حزب الله" تعاطى مع خطاب الرئيس سعد الحريري بمرونة، من خلال عدم الرد عليه لاعتباره أنّ مواقف الحريري لم تكن تصعيدية، فهو ما يزال ينتظر الجواب على كلام السيد حسن نصرالله من خلال مبادرة الوزير جبران باسيل.
وتردّد، انّ هذه المبادرة تقوم على أساس توزير شخصية سنّية يسمّيها هؤلاء النواب. وطرح في هذا الاطار أسماء عدة، منها على سبيل المثال، حسن مراد وهو نجل النائب عبد الرحيم مراد، او عثمان مجذوب وهو محسوب على النائب فيصل كرامي، او رفعت بدوي. ولكن حتى الآن يرفض النواب الستة اي توزير من خارجهم، ولو أنّ أي طرح رسمي لم يُقدّم لهم بعد.
لكن، بدا واضحاً أنّ الاتجاه رسا على ان يكون المقعد الوزاري السنّي لمصلحة فريق 8 آذار، وان يكون من حصّة رئيس الجمهورية. وهو ما يعني ضمناً، القبول بالمعادلة السنّية الجديدة.
لا بل اكثر، فلقد نقلت اوساط ديبلوماسية إصرار باريس وواشنطن على إقفال الملف الحكومي خلال الاسبوعين المقبلين، ولو وفق المعادلة الجديدة؟ ذلك انّ اضطرابات مالية بدأت مؤشراتها بالظهور وستبرز أكثر الاسبوع المقبل. ما يعني انّ الحكومة لم تعد بعيدة، ولو بالاكراه".
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا.