أخبار عاجلة

هكذا أنقذ ياباني آلاف اليهود من الهولوكوست النازي

خلال فترة الحرب العالمية الثانية، تمكنت القوات الألمانية من إخضاع مناطق أوروبية عديدة لسيطرتها. وتزامناً مع دخول الجيش الألماني لمدن جديدة، اتجهت فرق الأس أس (Schutzstaffel)، والتي كانت وحدة ألمانية شبه عسكرية بقيادة هنريش هملر (Heinrich Himmler)، نحو اعتقال السكان اليهود قبل أن تقدم على ترحيلهم نحو معسكرات الموت والتي جرت داخلها عمليات إعدام جماعية للمعتقلين بطرق مختلفة كانت أبرزها غرف الغاز السام. وعلى حسب العديد من الإحصائيات، أسفرت عملية الإبادة التي تعرض لها يهود أوروبا على يد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، والمعروفة أيضاً بالهولوكوست، عن مقتل حوالي 6 ملايين يهودي.

صورة لقائد فرق الأس أس هنريش هملر

وبرزت خلال فترة الحرب العالمية الثانية أسماء عدد من الشخصيات الهامة والتي لعبت دوراً بارزاً في إنقاذ العديد من يهود أوروبا من قبضة النازيين. وإضافة إلى رجل الأعمال الألماني أوسكار شيندلر (Oskar Schindler)، والذي أنقذ أكثر من ألف يهودي من مراكز الموت النازية، تبرز شخصية الدبلوماسي الياباني تشيونه سوغيهارا (Chiune Sugihara)، حيث أسهم الأخير لوحده في إنقاذ الآلاف من يهود ليتوانيا (Lithuania) خلال فترة الحرب.

على يمين الصورة أدولف هتلر و إلى اليسار هنريش هملر

ومنذ عام 1939، تواجد تشيونه سوغيهارا بليتوانيا حيث شغل الأخير حينها خطة نائب قنصل بالسفارة اليابانية بالعاصمة الليتوانية حينها كاوناس (Kaunas). وتميزت هذه المدينة باحتوائها على حوالي 30 ألفا من اليهود الليتوانيين، ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية وبداية الغزو الألماني للأراضي البولندية، تزايد هذا العدد بشكل واضح حيث حلّ العديد من اليهود البولنديين بالعاصمة كاوناس هرباً من فظائع النازيين.

صورة لعدد من الأطفال اليهود داخل معسكر أوشفيتز للإبادة

ومع بداية الغزو السوفيتي للأراضي الليتوانية في حدود شهر يونيو/حزيران سنة 1940، وجد عدد كبير من اليهود أنفسهم عالقين بالعاصمة كاوناس، حيث رفضت الإدارة السوفيتية السماح لهم بمغادرة المنطقة. وتعقد وضع اليهود بالمدينة أكثر بسبب تواصل توافد اللاجئين.

صورة لإحدى عمليات اعتقال اليهود من قبل النازيين بليتوانيا

وأثارت أزمة اليهود بالمدينة قلق نائب القنصل الياباني، حيث كان الأخير على علم بما ينتظر يهود كاوناس في حال سيطرة النازيين على المنطقة. ولم يكن ليهود المدينة سوى حل وحيد لمغادرتها حيث احتاج كل واحد منهم لتأشيرة سفر نحو إحدى دول شرق آسيا للتنقل عبر الأراضي السوفيتية والهرب لاحقاً نحو جزيرة كوراسو (Curaçao) الهولندية الواقعة بالقارة الأميركية قبالة سواحل فنزويلا.

صورة لرجل الأعمال الألماني أوسكار شيندلر

خلال تلك الفترة، راسل الدبلوماسي الياباني تشيونه سوغيهارا، والذي شغل منصب نائب القنصل، سلطات بلاده طالباً منهم مدّ يد العون ليهود كاوناس عن طريق منحهم تأشيرات سفر. ورفض الأخير مغادرة العاصمة الليتوانية بعد صدور أوامر لجميع الدبلوماسيين بمغادرتها، ليظل هنالك لفترة قاربت العشرين يوماً أملاً في إنقاذ أكبر عدد من يهود المنطقة.

وخلال الأيام القليلة التالية، جاء رد السلطات اليابانية بالرفض حيث عبرت الخارجية اليابانية عن عدم رغبتها في استضافة اليهود دون الحصول على ضمانات برحيلهم لاحقاً. وأمام هذا الوضع، قرّر تشيونه سوغيهارا التحرك بشكل منفرد وإنقاذ أكثر عدد ممكن من الأرواح البشرية ومواجهة العقاب.

صورة من معسكر الموت بأوشفيتز

وطيلة الفترة التالية، توافد اليهود على السفارة اليابانية بالعاصمة كاوناس وهنالك لم يتردد تشيونه سوغيهارا، بمساعدة زوجته يوكيكو، في إصدار ما يزيد عن 300 تأشيرة سفر بشكل يومي.

وفي مطلع شهر أيلول/سبتمبر سنة 1940، أُجبر تشيونه سوغيهارا على مغادرة العاصمة الليتوانية، رفقة أفراد عائلته، على متن قطار بإتجاه العاصمة الألمانية برلين. وخلال فترة تواجده بالقطار، واصل الأخير إصدار تأشيرات السفر قبل أن يقدم في النهاية على قذف ختم السفارة نحو الجماهير المتجمعة قرب القطار. وقبيل رحيله، ودّع الدبلوماسي الياباني الجميع متمنياً لهم التوفيق.

صورة للدبلوماسي الياباني تشيونه سوغيهارا رفقة زوجته يوكيكو

وبفضل مجهوداته، تمكن تشيونه سوغيهارا من إنقاذ ما يقارب 6 آلاف يهودي، وتزامناً مع دخول النازيين للمنطقة أقدمت فرق الـ"أس أس" على إرسال كل اليهود الذين فشلوا في الحصول على تأشيرات نحو معسكرات الموت. في أثناء ذلك، جرّدت السلطات اليابانية تشيونه سوغيهارا من منصبه بسبب مخالفته للأوامر وكلفته بدلاً من ذلك بمهام أخرى بسيطة. وعقب نهاية الحرب، حصل هذا الدبلوماسي الياباني على العديد من الأوسمة، كما خلدت العديد من الدول جهوده خلال الحرب العالمية الثانية عن طريق إطلاق اسمه على بعض الشوارع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى إنّما لصبر بوتين حدود!