أخبار عاجلة
تفاؤل بإنجاز الاستحقاق الرئاسي في نيسان -
“الحزب” يستهدف آليات إسرائيلية -

«رامبو روسيا» والمعارضون… في مرمى الكرملين؟

«رامبو روسيا» والمعارضون… في مرمى الكرملين؟
«رامبو روسيا» والمعارضون… في مرمى الكرملين؟

عماد الشدياق نقلاً عن "القدس العربي"

لا تزال قضية المثقفين الروس الفارين إلى الدول الغربية تتفاعل في الداخل الروسي. هؤلاء المثقفون، خصوصاً الممثلين والفنانين، الذين فرّوا بعد الحرب في أوكرانيا، تحوّلوا إلى مصدر إزعاج للسلطات الروسية ومحط “انتقاد” و”ازدراء” لدى الجمهور الروسي، وذلك بسبب التصريحات التي يطلقونها بين الحين والآخر، ضد بلادهم وجيشها المتواجد على الأراضي الأوكرانية.

من هؤلاء الممثل الروسي الشهير أرتور سموليانينوف، الذي فرّ إلى لاتفيا في عام 2022، ومذّاك يطلق تصريحات ومقابلات صحافية، يوجّه فيها انتقادات للجيش الروسي وللحرب، ولا يوفّر سلطات بلاده من النقد.

مؤخراً، أعلن سموليانينوف في مقابلة مع صحيفة “نوفايا غازيتا” الروسية المعارضة، أنّه مستعد للقتال إلى جانب أوكرانيا ضد جيش بلاده، مؤكداً أنّه يشعر بالكراهية تجاه الروس الموجودين على خط المواجهة، وأنّه لا يهتم بـ “مستقبل روسيا وحتى بمستقبل الأصدقاء المقرّبين”.

الحرب السوفيتية – الأفغانية

وسموليانينوف هو ممثل مشهور في روسيا، وملقّب بـ”رامبو الروسي”، بسبب مسيرته اللامعة في أفلام الحركة. كما كان حتى وقت قريب، أحد الممثلين المفضلين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خصوصاً في بطولته لفيلم “ديفياتايا روتا” الذي تدور أحداثه خلال الحرب السوفيتية – الأفغانية.

بوتين عبّر عن إعجابه بالفيلم في حينه، وقال إنّ هذا الفيلم “قوي جداً” و”يسلب الروح”، ولهذا دعا جميع الممثلين وطاقم العمل إلى مقر إقامته الخاص بعد عرض الفيلم (عام 2005)، لكنّ ممثله المفضّل تحوّل منذ نحو سنة، إلى صفوف المعارضة وأخذ يوجّه الانتقادات العلنية لسياسات الكرملين.

هذا الأمر لم يتوقف عند “رامبو الروسي”، بل تعداه إلى الممثل الفرنسي الشهير جيرارد ديبارديو، الذي يحمل الجنسية الروسية منذ العام 2013. هو الآخر وجه انتقادات للكرملين ونبذ منطق الحرب، لكنّه مؤخراً تراجع عن ذلك، محاولاً الحديث بلغة أكثر هدوءاً، تدعو إلى السلام ونبذ العنف، معرباً في الوقت نفسه عن احترامه وتقديره إلى الثقافة والفنون الروسية، وحبه إلى الشعب الروسي أيضاً.

منطق السلام

الجمهور الروسي، في الداخل والخارج، ينظر إلى تصريحات “رامبو روسيا” وغيره من الفنانين، بعين “الازدراء” نتيجة التصريحات “الاستفزازية” كما يتهمهم بـ”ازدواجية المعتقد” خصوصاً أنّهم دافعوا في البداية عن منطق السلام وضرورة إرسائه بين شعوب المنطقة، ونبذ الحرب لصالح الأعمال الخيرية، ثم تحول بعضهم بعد فترة وجيزة، للحديث عن استعدادهم لخوض الحرب إلى جانب أوكرانيا ضد بلادهم.

ومما لا شك فيه أنّ “رامبو روسيا” وزملاءه المنتقدين، لن يشاركوا في القتال مثلما يدعون، لكن هذه المواقف الاستعراضية تخفي أسباباً أخرى مختلفة.

وعليه، تقول الأوساط الروسية إنّ رعاياها الهاربين، يقومون بذلك بدافع “الخوف من العقوبات”.

يخافون من مصادرة ممتلكاتهم وحساباتهم المصرفية في الدول الغربية. ولهذا، تعتبر موسكو أنّهم “على استعداد لخيانة مصالح وطنهم والشعب الروسي” من أجل مصالحهم الخاصة.

وتعتبر موسكو أيضاً، أنّ هذه التصريحات تدخل في إطار الحملات الترويجية التي تغذيها الدول الغربية من أجل “خلق مشاعر انفصالية” في أراضي الاتحاد السوفييتي السابق، متهمة دول الغرب بالتسبب في حرمان هذه الشخصيات من حقّ العودة إلى أراضي الاتحاد الروسي، وذلك نتيجة “نزعتهم التجارية” و”ولائهم لأفكار دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة”.

ولجأت الدول الغربية، بالفعل، إلى مصادرة العديد من ممتلكات رجال الأعمال والنافذين الروس، وذلك بعد اتهمتهم بقربهم من دوائر الكرملين ومن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك في محاولة لإضفاء المزيد من الشرعية على تلك القرارات.
كما بدأت الدول الغربية التفكير ملياً، بنقل تلك الأصول والممتلكات إلى أوكرانيا من أجل تمويل عملياتها العسكرية ضد الجيش الروسي.

ردّ فعل السلطات الروسية الأولى على تلك التصريحات، يعني أنّ سموليانينوف وغيره من المنتقدين، لن ينجوا من العقاب، إذ صنّفت وزارة العدل الروسية مؤخراً “رامبو روسيا” على أنّه “عميل أجنبي”. وكذلك أمر رئيس لجنة التحقيق في روسيا ألكسندر باستريكين، بالتقدم بدعوى قضائية جنائية ضده باسم الدولة الروسية، فيما كشفت وسائل الإعلام الروسية أنّ الدوما الروسي (مجلس النواب) بصدد سنّ تشريعات تكافح هذه الظواهر، التي “تنشر معلومات مضللة” في الخارج، وتطال القوات المسلحة الروسية على أراضي أوكرانيا.
إضافة إلى كل هذا، تتحدث وسائل الإعلام الروسية وأخرى تدور في فلك موسكو، عن مباحثات تجريها السلطات الروسية تقضي بإضافة لقب “خائن” إلى “مانشيت” الأفلام والدعايات الترويجية فوق اسم كل ممثل أو فنان ينتقد جيش بلاده، وخصوصاً بعد تصريحات “رامبو روسيا”.

في المحصلة، يمكن القول إنّ الحرب الدائرة في أوكرانيا ما عادت تقتصر على الأعمال الحربية والعقوبات الإقتصادية، بل تخطتها إلى مجالات الثقافة والفنون. كما لا يبدو أنّ مفاعيل هذه الحرب ستنتهي سريعاً حتى لو سكتت المدافع والصواريخ وهدأ الرصاص، بموجب أيّ تسوية أو اتفاق مهما كان وصفه.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى واشنطن تعترف: الحرب الأوكرانية مفيدة للاقتصاد الأمريكي

معلومات الكاتب